عدد  مرات الظهور : 11,012,762
عدد مرات النقر : 219
عدد  مرات الظهور : 11,012,758

عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 11,012,756
عدد مرات النقر : 132
عدد  مرات الظهور : 11,012,756
فيسبوك
عدد مرات النقر : 206
عدد  مرات الظهور : 11,012,756
عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 11,012,755

عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 11,012,755
عدد مرات النقر : 135
عدد  مرات الظهور : 11,012,753

عدد مرات النقر : 0
عدد  مرات الظهور : 11,012,752
حديث: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين// اضغط هنا كلمة الإدارة

بيك شىئ مختلف بقلم الكاتبة ملكة ( أضغط ) من مواضيع المنتدى اليوم




أنتيخريستوس رواية د.أحمد خالد

۩۞۩{قسم الروايات والاقصوصه للمنقول}۩۞۩


إضافة رد
#1  
قديم 08-25-2025, 08:11 PM

ملكة غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل : Aug 2025
 فترة الأقامة : 17 يوم
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم : 62
 معدل التقييم : ملكة will become famous soon enough
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أنتيخريستوس رواية د.أحمد خالد



. أنتيخريستوس
رواية
د.أحمد خالد



تنويه
جميع الشخصيات المذكورة في هذه الرواية هي
شخصيات حقيقية.. بإنسها وجنّها وشياطينها.. وأغلب
الأحداث المحكية مبنية على أحداثٍ ووقائع حقيقية مُثبَتة.


لقد أصبحنا وحدنا أخيرًا. . أنا وأنت..
أخيرًا انفردت بك..
وصرت أملكك.. وأملك عينيك.. في كل مرة تنظر فيها إلى كلماتي.. وتقرأ
فيها سطوري..
ستكون هذه هي آخر رواية تقرأها لي في حياتك.. فأنا على شفا حفرة من
الموت..
ولم يتبقَ لي في هذه الحياة إلا سويعات لا أدري عددها.. لكنني أعرف أنها
قليلة.. وبرغم ذلك فهي كافية ألسقيك بما أريد أن أسقيك إياه من الحديث.
قبل أن أبدأ أقول لك :يجب أن تقرأ هذا الكتاب وتحرقه.. فسيحاولون التخلص
منه ومن كل من قرأه.. كما فعلوا مع كل الكتب التي شابهته.
لا تجزع.. فقط تذكر كلماتي جيدًا.. ولو أنهم قتلوك بعد أن أعلمتك كلماتي
هذه فستموت راضيًا.. ومن ذا الذي يحلم أن يموت راضيًا في هذا العصر؟ فال
تجزع يا صديقي.
مَن أنا؟ وأين؟ ولماذا؟ وكيف؟ كلها أسئلة أعرف أنها تراودك.. وربما تود أن
ترمي هذا الكتاب اآلن وتمضي إلى حياتك .. ولكني أؤكد لك.. ليس هناك فارق
بالنسبة لهم بين من اقتناه وقرأه.. ومن اقتناه ورماه في أقرب قمامة.. إنهم
يبيدون الجميع ..
لكن قد تكون لقارئه فرصة في النجاة.. لا تنظر لي هكذا.. فرغم أنني كاتبه..
إلا أنني ميّت لا محالة.. وسيقتحمون عليَّ غرفتي هذه بعد قليل ويبيدونني من على
وجه الأرض كأن لم أكن عليها يومًا..
لا تضع وقتي في الشرح والكلام الفارغ.. ودعني أبدأ معك على الفور.. فلم يعد
هناك وقت نضيعه أنا وأنت..


ستعرف في حديثي هذا أمورًا.. وستُنكر أمورًا أكثر.. ستعجبك فيه أمورًا..
وستكره أمورًا.. لكن دعني أخبرك بأمرٍ هامٍ: أنا لن أكذب عليك أبدًا.. أنا فقط
سأخبرك بالحقيقة التي لم يخبرك إياها قبلي أحدٌ.. سأعلمك أسرارًا لم يكن
ينبغي على من مثلك معرفتها.. ولو أنني كذبت عليك ما قتلوني.. بل لكافؤوني
واحتفوا بي كما يفعلون مع الجميع..
أعرف أنك شخص ملول.. إما أنك لست من هواة القراءة.. وإما أنت من هواتها
لكنك لا تُلقي بالًا للكتب التي لا تزيّنها أسماء لكتاب كبار.. لذلك وحتى أجعلك
تقرأ كتابي هذا كاملًا كما يجب أن تقرأه.. ابتكرت لك لعبة سنلعبها أنا وأنت..
ولن يشاركنا فيها أحد.
لعبة الاوراق.. ليست أوراق البصرة.. ولا أوراق التاروت.. بل هي أوراق من طراز
آخر.. طراز ملعون.. وأهم شيء فيها الترتيب.. فلو رُتِّبَت على غير ما أراد لها
صانعها أن تُرتَّب ستكون مجرد أوراقٍ بلا قيمة.. أما لو رُتِّبت الترتيب الصحيح..
كما سنفعل بها أنا وأنت.. فستفتح لك أبوابًا من الأسرار لم يخبرك إياها أحد..
ولن يخبرك إياها أحد.. أسرار خطرة.. يُقتل كل من يعرفها.. ويُحرق كل من
يتعلمها ويُعَلِمها..
سألقي أمامك ثلاث عشرة مجموعة من الأوراق.. كل مجموعة منها تحكي
قصة.. وتحكي سِرًّا يريدون أن يخفوه عن أمثالك.. وسيالحقونك لأنك عرفته..
ولأنك شخص ملول وأنا أقدِّر هذا؛ فكل حكاية من تلك الحكايات الثلاث عشر
ستُعرَض لك بطريقة تختلف عن سابقتها.. هل رأيت كيف أنني حريصٌ على لفت
نظرك.. وليس هذا إلا لأن ما بقى لي في الحياة قليل.. وأود ألا أضيع لحظة واحدة
منها في شرودٍ يشرده عقلك الملول.
ولكن يمكنك أن تشرد كما يحلو لك بين كل حكاية وحكاية.. لأنني سأثرثر
قليلًا.. ورغم أنها ثرثرة مهمة جدًّا إلا أنه لو كان لابد لك أن تشرد فلتشرد في
هذه المساحة فقط ولا تتعدَها.

وكلما تقدمنا أنا وأنت في اللعب خطوة.. سأخبرك أكثر عن نفسي.. ومن أين
أتيت.. وكيف وصلت إليك.. ومن هُم الذين سيقتلونك ويحرقونك بعد أن يقتلوني
ويحرقوني.. وكيف تنجو بنفسك منهم.. أما الآن فلن أخبرك سوى باسمي.. أنا
"بوبي فرانك".. أراك قد استنتجت من اسمي أنني أمريكي.. هذا صحيح.
في النهاية وقبل أن نبدأ..أريد أن أنبّهك إلى أمرٍ هام؛ لا تظن أنه يمكنك أن تقرأ
هذا الكتاب على مرة واحدة في جلسة رائقة في مكانك المفضل.. عليك أن تقرأ
هذا الكتاب على ثلاث عشرة مرة؛ حتى تستطيع استيعابه جيدًا.
وآلان دعنا نبدأ لعبتنا التي لن أخبرك باسمها الا فيما بعد.. يكفيك آلان أن تعرف
أنها لعبة أوراق.. أوراق لعينة.. والآن فلتجلس أمامي في هدوء.. ولتنظر إلى
المجموعة ألاولى من ألاوراق التي سأضعها لك آلان بالترتيب على الطاولة.. أعرف
أن النور الخافت الذي أستخدمه في غرفتي يسبِّب الصداع لكن لا عليك.. إنه
ضروري.. والآن فلنبدأ..
لقد وضعت أمامك الان سِتَّ ورقات مقلوبة.. وسأكشفها لك واحدة واحدة
بالترتيب الصحيح المطلوب.. الترتيب الذي سيحكي القصة ألأولى.. ويكشف السر
الأول.. تابع معي..
الورقة الأولى عليها صورة شيطان رجيم له قرنان.. ويبدو في أشد حالاته غضبًا..
الورقة الثانية هي ورقة السحر .. سحر الأرض وعليها صورة نور ينبثق من باطن
الأرض محطمًا عدة صخور حوله..
والثالثة هي ورقة سحر الهواء وفيها رجل ساحر يُلقي بتعويذة ما في الهواء..
الورقة الرابعة هي ورقة القوة المطلقة.. وعليها صورة قبضة رجل قوي
يرتدي خاتمًا ذهبيًا كبيرًا..
الورقة الخامسة عليها صور أصنام وتبدو وكأن أحدهم قد حطمها..



 توقيع : ملكة


رد مع اقتباس
قديم 08-26-2025, 10:51 PM   #2




الصورة الرمزية اروى
اروى متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Oct 2022
 أخر زيارة : اليوم (10:35 PM)
 المشاركات : 97,988 [ + ]
 التقييم :  13003
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Olive
مزاجي:
افتراضي



رواية جميله جدا حبيبتي

يعطيك الف

كتري منهم بحب هيك


 
 توقيع : اروى



رد مع اقتباس
قديم 08-26-2025, 10:57 PM   #3



الصورة الرمزية جيفارا
جيفارا متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 41
 تاريخ التسجيل :  Jul 2025
 أخر زيارة : اليوم (08:15 PM)
 المشاركات : 17,243 [ + ]
 التقييم :  44
 الدولهـ
Jordan
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Blue
مزاجي:
افتراضي



روعاتك ملكة يسلمو على الجلب المميز


 
 توقيع : جيفارا





رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 11:45 AM   #4



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اروى [ مشاهدة المشاركة ]
رواية جميله جدا حبيبتي

يعطيك الف

كتري منهم بحب هيك

يسعدك يا جميلة الروح
لأنها طويلة رح انزلها هنا على مراحل ان شاء الله
كونى متابعة
كل الشكر لك


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 11:46 AM   #5



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيفارا [ مشاهدة المشاركة ]
روعاتك ملكة يسلمو على الجلب المميز

الروعة تواجدك العطر وتفاعلك الطيب دمت بخير وعافية


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 11:53 AM   #6



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الورقة السادسة والأخيرة هي ورقة المطرقة.. وعليها صورة رجل قوي.. حدَّاد
يمسك بمطرقة عظيمة ويلوح بها في غِل .
حتى وإن نسيت هذه الصور والأوراق آلان فستومض في ذاكرتك بوضوح وأنا
أتلو على مسامعك الحكاية الأولى.. والسر الأول..
****


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 11:56 AM   #7



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



أميرالنور
يوم خلق النور. .2500 قبل الميلاد –2000 قبل الميلاد


"سأغنّي هذه الأغنية للإله
.. عندما يأتي المخلص العظيم.. وهذه الفتاة البريئة
القلقة الجميلة.. هيا تعال وحررها اآلن " أغنية بابلية قديمة بصوت عجوز ولغة
بابلية قديمة كان يغنيها.. ويحرِّك رأسه طربًا.. كان صوته رخيمًا جميلًا.. لكن
موسيقى الخلفية لم تكن متوافقة مع جمال صوته.. لقد كان يغني على صوت
أغنام تسرح في المرعى.. أغنام يهش بعصاه عليها من آنٍ لأخر.. لقد كان
سعيدًا.. ومن ذا الذي يمشي في مثل هذه الطبيعة الساحرة ولا يكون سعيدًا..
نحن في مملكة آشور القديمة قُرب مدينة بابل.. أعظم مدينة رأتها عين إنس أو
جن في التاريخ.. وهذا الراعي ذو الصوت الرخيم هو العجوز "إيشما".
"ولمّا يأتي المخلص العظيم.. ستتحررين بالتأكيد "
قبل أكثر من أربعة الاف عام.. كانت الأرض غير الأرض.. والسماء غير السماء..
كان "إيشما" يمكنه أن ينظر إلى البِركة التي يمشي بجوارها فيرى كل
أسماكها وأصدافها وكأنه ينظر إلى الطيور في السماء.. قبل أكثر من أربعة
الآف عام .. كل شيء كان طاهرا شديد النقاء.. ويبدو أن "إيشما" العجوز قد
قرر أن يستريح قليلًا.. فتوجه إلى شجرة قريبة اعتاد أن يترك عندها طعامه.. ولما
وصل إلى طعامه نظر إليه بدهشة.. لقد كان مفتوحًا.
هؤلاء اللصوص الفقراء لن يتعلموا أبدًا.. لو أنهم سألوه طعامًا لأعطاهم..
لكنهم يؤثرون السرقة.. تأبى نفوسهم مسألة الناس وترتضي سرقتهم.. لكن
"إيشما" قد استغرب جدًّا لما أعاد النظر إلى الطعام.. فبرغم أن الكيس مفتوح..
إلا أن الطعام موجود والحليب موجود.. لكن الجُبن مأكولة منه قطعًا صغيرة
جدًا.. والحليب ناقص نقصًا يسيرًا لا يُسمِن ولا يُغني من جوع.. جلس "إيشما"
وأكل وشرب واستراح في ظِل الشجرة.. ثم قرر أن ينزل ليغتسل في البركة..
وكما يفعل الرعاة الذين يستحمون في البرك في كل الممالك القديمة.. خلع
ملابسه كلها ونزل إلى الماء.


بينما "إيشما" العجوز يستحم.. كان ينظر إلى متاعه من آنٍ لآخر نظرات لا
شعورية.. وفجأة أتى سِرب من الحمام جميل المنظر وحط عند طعامه.. وأخذ
الحمام ينقرون الجبن نقرات صغيرة ويمألون مناقيرهم الصغيرة بالحليب في
مشهد غريب ثم يطيرون ويحطون في مكان غير بعيد.. ويمكثون بضع دقائق
هناك ثم يطيرون عائدين إلى طعامه.. فينقرون ويمألون مناقيرهم ثم يطيرون
إلى المكان ذاته.
خرج "إيشما" من البركة ووارتدى مالبسه البابلية القديمة.. لكنه لم يتجه إلى
متاعه.. بل اتجه إلى ذلك المكان الذي تطير إليه الحمائم بهذا الحماس الغريب..
وهناك وجد شيئًا اتسعت له عيناه العجوزتان في دهشة وانبهار؛ وجد طفلة
جميلة ابنة التسع سنوات لم ترَ عيناه بمثل جمالها.. لكن ليس هذا ما أدهشه..
ما اتسعت عيناه له انبهارًا هو أن الحمائم كانت تحيط بها وتطعمها وتسقيها
من مناقيرها لبنا.
كانت الطفلة تضحك وتحرك يديها بسعادة.. ولما اقترب منها "إيشما" ضحكت
له ضحكة نزلت لبراءتها دموعه الحانية.. وبعقلية راعٍ بابليّ قديم كان ما
يشاهده يعني شيئًا أسطوريًّا ما.. حملها "إيشما" برفقٍ ورفعها إلى السماء..
وكانت الحمائم تطير من حولهما بسعادة لم يجد لها تفسيرًا.. نظر "إيشما" إلى
عينيها الصغيرتين الجميلتين.. إنها المرة الأولى التي يرى فيها طفلة لديها هذه
الرموش الرائعة.. قرر "إيشما" أن يأخذ هذه الطفلة معه ليربيها.. وقرر أيضًا أن
يسميها اسمًا أوحاه إليه الموقف.. سمَّاها "محبوبة الحمائم".. الاسم الذي كان
لما ينطق بالبابلية القديمة يبدو مألوفًا.. كان يُنطَق بالبابلية "سميراميس".
"عندما يأتي المخلص العظيم.. وهذه الفتاة البريئة القلقة الجميلة.. هيا تعال
وحررها الان "
* * *

إنه الاحتفال العظيم في بابل.. وعندما تحتفل بابل فزِد على جمالها ألف جمال
ومتِّع ناظريك.. عندما تلتقي الجبال الخضراء والسهول وألانهار الصافية بالرخام
الأبيض وألأزرق المميز للقصور البابلية والرسومات الكبيرة التي تغطي الجدران..
عندما يلتقي كل هذا باألطفال الذين ينثرون أوراق الزعفران في الهواء والخيول
التي ترقص والبشر الذين يحتفلون في أكثر لباسهم وصروحهم أناقة في
التاريخ.. عندها تعرف أن هناك حدثًا مهمًّا جدًّا يمر عليهم.. عندما ترى الزعفران
يغطي ألارض بهذا الشكل تعرف أن هناك مولودًا جديدًا للملك "كوش" والملكة
"أوداج".. مولود ذكر.. فهذه الاحتفالات لا تقام لو كان المولود أنثى.
هاهو المولود موضوع في الهودج تحيط به الوالًدات أو المايات كما يطلقون
عليهم هنا )جمع مايا(.. وهم الذين سهروا على رعاية الأم حتى تمت الوالدة..
اقترب أكثر من الهودج وألقِ نظرة على هذا الصغير.. ستسمع أثناء اقترابك
الكثير من الكلمات على طراز "يالروعة هاتين العينين" أو "إنه أروع طفل رأته
عيناي".. هذا يحفزك أكثر للنظر إلى الطفل.. هاهو أمامك.. الجمال مجسَّد في
رأسٍ صغيرٍ وعينين حادتين.. لكن هناك مشهدًا آخر سيقلقك.. فمثلما تحيط
بهذا الطفل الولَّادات ذوات الأيادي الناعمات وأوراق الزعفران المتناثرة في
الهواء.. فأنت ترى أشياء أخرى تحيط به.. ليست أشياء في الواقع.. بل كانت
شياطين.. نعم شياطين.. كانوا يبتسمون بشيطانية تجيدها كل الشياطين..
وكانوا يتلون شيئًا ما.. برغم كل الحقائب المطرزة يدويًّا والمليئة بالودع األزرق
والثوم والموضوعة حول الهودج في كل مكان لطرد األرواح الشريرة.. وبرغم
أن المايات وضعن أصابعهن في الزعفران وبصموا به على جبهة الملكة "أوداج"
لحفظ الطفل من الشياطين.
وفجأة سكت الجميع وتكلم الشيخ الكبير أو الموهيل كما يلقبونه في بابل.. قال
الشيخ :ـ


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 11:59 AM   #8



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



اليوم أتشرف وتتشرف البشرية ووتتشرف الأرض كلها بوالدة الابن
الذَّكَر الذي سيحمل اسم الملك العظيم كوش.. الابن العظيم الذي
قررت العائلة أن تسميه "زاهاك".
وهنا ضج الجمع بصيحات السعادة.. لكن اسم "زاهاك" لم يكن ذا معنى محبب
على أي حال.. لقد كان االسم يعني باللغة البابلية الثعبان اللاسع.. وعلى ذِكر
الثعابين اللاسعة كان لضحكات الشياطين من بين أنيابها فحيح سعيد. . فحيح
شيطاني سعيد.
* * *
نظر الراعي العجوز "إيشما" إلى تلك التحفة الأنثوية النائمة التي بدا أنها نزلت من
السماء إليه وحده.. تلك التحفة الصغيرة التي سمَّاها "سميراميس".. إنه مجرد
راعٍ فقير يجوع أكثر اليوم.. إن مكان هذه الجوهرة الصغيرة ليس بالتأكيد بين
تلك الجدران المتهالكة التي يعيش وسطها.. لابد أن الألهة تدخر لجمالها مكانًا
أكثر أناقة.. وهنا فاجأت دماغه العجوز فكرة عظيمة بشأن "سميراميس".
غدًا سيُقَام سوق "نينوى" العظيم.. والذي يتفق مع موسم الزواج الذي يُقَام كل
عام في بابل؛ حيث يجتمع الشبان والفتيات من كل أرجاء مملكة آشور العظيمة
فينتقي كل شاب عروسًا تناسبه.. ويشتري الكهول الفتيات الصغار لتربيتهن
حتى يبلغن سن الزواج فيتزوجوهن أو يقدموهن ألحد أبنائهم كزوجات. . نظر
إلى عيني "سميراميس" الجميلتين وعقد العزم أن يمضي غدًا إلى "نينوى".
ومضى "إيشما" العجوز حاملًا "سميراميس" الصغيرة على كتفه إلى "نينوى"..
ولو تحدثت الأناقة يومًا لقالت "نينوى".. كان "إيشما" قد لبس أفضل ما عنده
لكنه بدا متسوّلًا بالطبع وسط هذا السوق الذي يتنافس فيه كل ذي جمال
للحصول على كل ذات حسن.. كانت "سميراميس" تضحك ضحكتها الساحرة

التي خطفت أعين الكل وأثارت تساؤلاتهم عن هية ذلك المتسول الذي يحمل
لؤلؤة بين ذراعيه.
في نفس الوقت الذي كان "سيما" ناظر خيول الملك يمر في السوق.. كان يبحث
عن خيول جديدة يشتريها للملك.. وحانت منه نظرة التقطت فيها عيناه صورة
"سميراميس" الصغيرة.. نسي "سيما" الخيول ونسي الملك ونسي كل شيء
وتذكَّر شيئًا واحدًا.. تذكر أنه عقيم لا يلد.. نظر مرة أخرى إلى الصغيرة.. شعرٌ
بُنيّ كأنه الذهب.. كيف يصير البُنيّ ذهبًا؟ هذا لا يمكن شرحه إلا لو رأيت شعر
هذه الفتاة.. عينان تختصران كلمة أنثى إذا نظرتَ إليهما.. شفتان دقيقتان.. ترك
"سيما" كل شيء وتوجه إلى الراعي العجوز.. إلى "إيشما".
نظر "إيشما" إلى ملابسه الملكية في حذرٍ.. وابتسمت له الفتاة الصغيرة في
سحرٍ.. دقت له كل دقات الأبوة الباقية في قلبه.. وجرت لتلقي نفسها بين
ذراعيه.. التقطها ورفعها إلى السماء بسعادة.. وأخرج من جيبه كيسًا من
العملات الذهبية كان سيشتري به أغلى خيل في السوق.. نظر "إيشما" إلى
الكيس بلهفة وسعادة.. ثم إنه قبل يد "سيما".. ومضى في طريقه يغني:
"ولما يأتي المخلّص العظيم.. ستتحررين بالتأكيد "
* * *

كانت هناك منصة كبيرة دائرية ذات رخام أبيض وذهبي.. تحيط بها التماثيل
البابلية الموحية.. وفي منتصف المنصة نافورة مزخرفة تسحب الماء من النهر
وتضخه بشكلٍ خيالي لا يمكنك أن تصدق أنه كان موجودًا بهذه الدقة قبل أكثر
من أربعة آلاف عام.. غضَّ بصرك عن كل الفتيات العاريات الممددات أو الواقفات
هنا وهناك بجوار فتى في غاية الوسامة يجلس وسطهن بهدوء.. انظر إلى قوة
وفتوة ووسامة هذا الفتى.. انظر إلى سحر الطبيعة وسحر البناء البابلي من
حوله.. أنت في أحد القصور الملكية ببابل.. وهذا الوسيم هو "زاهاك" ابن الملك
كوش بعد مرور مئة سنة على والدته.. لا ترفع حاجبيك في استغراب.. فأعمار
البشر حينها كانت مابين خمسمئة وألف.
ها أنت تدير عينيك يمينًا ويسارًا لتملأهما بجمال هذا المنظر الساحر.. إن أجمل
منتجع في هاوي يبدو بشعًا مقارنة بهذا السحر.. لكن عينيك توقفتا فجأة على
شيء أفسد استمتاع عينيك؛ رجل عجوز كسيح.. أكثر أسنانه ليست في فمه..
تخرج من ذقنه شعرات معدودة مجعدة طويلة بشكل عجيب لم ترَه في أشد
الصور غباء.. يرتدي عباءة سوداء ممزقة من هنا وهناك.. وهاهو يقترب من
المنصة بخطوات عرجاء.
صعد الرجل العجوز إلى المنصة الرخامية.. قابلته نظرات امتعاض أنثوي من
العاريات.. ضيًق "زاهاك" عينيه الوسيمتين ونظر إليه بهدوء.. وبادره بلهجة
ساخرة واثقة:
- كيف دخلت هنا أيها المسخ الاجرب؟
نظر له العجوز بعينين فيهما بريق وحيوية مريبين.. وقال بصوتٍ هو أقرب لصوت
الحية:
- مررت بعرجتي هذه عبر مسوخ جُرب كثيرين يرتدون قلنسوات
مضحكة ويقفون كأن على كروشهم الطير.. يحرسون ما يلقبونه


بابن "كوش" العظيم.. فتملكني فضول لرؤية ابن "كوش" هذا.. وإذ
بي أجده مستلقيًا كأنه البغل وسط الإناث حتى صار واحدة منهن.. ال
سيف يُسن.. ولا رمح يُعد.
وضعت العاريات أياديهن على قلوبهن.. وتحفز الحرس حول "زاهاك"..
وتوجهت كل الأنظار إلى "زاهاك" الذي قام معتدلًا من مجلسه بسرعة كالمارد
واختطف أحد الرماح من أحد حُرَّاسه وألقاه بيد خبيرة حتى انغرست في قلب
العجوز الذي سقط كالحجر.. قال "زاهاك" بغضبٍ شديدٍ:
- ألقوا هذا الحثالة إلى األسود.. واعتذروا لها عن هذا اللحم العفن الذي
سنطعمها إياه اليوم.
حمل الحراس العجوز الذي بدا وكأنه مات من فوره كالجلمود وألقوا به إلى
حفرة قريبة واسعة مزيَّنة جدرانها برسومات الأسود الماشية التي تعتبر رمزًا
من رموز الحضارة البابلية.. وهي أيضًا مليئة بالأسود الحقيقية التي تزأر في
غضبٍ جائعٍ الأسود التي بدا وكأنها مئة أسد جائع مزقوا جثة العجوز قبل حتى أن
تحط على الأرض.. قال "زاهاك" بغضب:
- ألقوا حراس المنصة كلهم وراءه.. يبدو أن أبي "كوش" العظيم لايعرف كيف
يختار رجاله.
غادر "زاهاك" المنصة واتجه إلى داخل القصر البابلي العظيم.. ومشى فيه
بغضب هادر يُعنف كل من يجده أمامه من الحراس.. حتى وصل إلى غرفته
المزين بابها بالعديد من الألوان والزخارف.. فتح بابها وأغلقه بغضبٍ.. ثم إنه..
- لم أعد أذكر أن لك اسمًا ما يابن "كوش" العظيم.
نظر "زاهاك" إلى مصدر الصوت بعينين متسعتين.. كان رجلًا أكثر من نصف
أسنانه مفقودة.. ولديه عشر شعرات غريبات في ذقنه العجوز.. يرتدي عباءة
سوداء ممزقة أطرافها.. ولديه صوت أشبه ما يكون بصوت الحية.
* * *

هانحن مرة أخرى في بابل.. ولكن بعيدًا عن القصور الملكية.. في ضواحي
المدينة التي لم تكن مبانيها العادية أقل جمالًا من قصورها.. كان هناك رجل
بملابس تبدو ملكية يمتطي صهوة جواد أصيل ويحيط به الكثير من الرجال ذوو
الملابس المتشابهة والجياد المتشابهة.. كان هذا هو "أونس" مستشار الملك..
وقد أتى للمدينة بفوجٍ ملكي حتى يُبلغ أهلها بأوامر الملك التي لا تنتهي.. كان
ألاهالي محتشدين أمامه في قلقٍ وملل.. وكان "سيما" ناظر خيول الملك واحدًا
من المحيطين بالمستشار "أونس.
ومن بين جنبات صمت ألاهالي ومللهم شق الهواء صوت جواد آتٍ من بعيدٍ
بسرعة مجنونة.. التفتت إليه رؤوس كل الأهالي في دهشة وتبعتهم رؤوس
الوفد الملكي في غضب.. وتحولت كل دهشة إلى إعجاب وكل غضب إلى
دهشة.. لقد شقَّ جمود المشهد جواد أسود قوي يمتطيه ما بدا في الأفق وكأنه
فارس مغوار.. وليس هذا ما غيَّر تعابير القوم بهذا الشكل.. لقد تغيرت
تعابيرهم لأن القادم لم يكن فارسًا.. بل كانت "سميراميس".
- هل فاتني الشيء الكثير؟
قالتها بمرح وثقة لا يجتمعان إالا لديها.. دعك من الصمت الذي قابل عبارتها..
دعك من نظرات الاهالي إلى بعضهم والتي تحمل معانى أشبه بـ - انظروا إلى
هذا الفرس الذي يمتطي فرسا - .. دعك من كل هذا وانظر إلى الفوج الملكي..
وتحديدًا إلى "أونس" الذي سقط منه لباس الصرامة الذي كان يضعه على
وجهه.. سقط إلى أسفل قدمي جواده.. وسرحت عيناه في عالم لم يرَه من قبل..
تاهت عيناه في زحام من الجمال والرقة والأنوثة و...
- كيف تركضين بالفرس بهذا الجنون في ضواحي المدينة يا
"سميراميس"؟ وكيف تتخلفين عن حشد الملك؟
- لقد أمرتني أن أحاول ترويض الحصان "ليجيش" يا أبي.. وهاهو أمامك
كالمهر.

قالتها بنظرة أنثوية إلى المستشار "أونس" الذي كانت هذه النظرة كافية
لتقضي على كل ما تبقى من رزانته. . فقال بصوت خافت للحشد :
- فلينصرف كل منكم إلى متاعه.
تحرك الحشد مستديرين مهمهمين واستدارت "سميراميس" بجوادها لكن
صوت "سيما" الهادر أوقفها قائلًا:
- "شميرام" تعالي إلى هنا وقبلي يد المستشار واعتذري له.. فقد أفسد
قدومك حديثه.
نزلت "سميراميس" من على صهوة جوادها كفارسة حقيقية.. وتوجهت ناحية
"أونس" ناظرة إليه تلك النظرة الانثوية إياها.. والتي زلزلته هذه المرة فبدا وكأنه
هو الذي أخطأ ويريد الاعتذار على شيء ما.. مدت "سميراميس" يدها الجميلة
إليه ببطء حتى أمسكت بيده ببطء.. لكن يده جذبت يدها فجأة إليه ليُقبل هو
يدها ويقول في خفوتٍ. .
- - سيدة شميرام".. أن تقبلي أن تكوني لي زوجة هو الطريق الوحيد
الذي سيجعل قلبي يسامحك على ما فعلته به.
نظرت "سميراميس" إلى "سيما" الذي كان ينظر لها نظرة أبوية مبتسمة
مشجعة.. ثم نظرت إلى "أونس".. رجل قوي ذو منصب هو الأعلى في الدولة..
تنحى قلبها جانبا وتحدث عقلها بالموافقة.. وأصبحت "شميرام" في الليلة التالية
زوجة "أونس".. المستشار الأعلى للملك "كوش" العظيم.. ملك المملكة البابلية
كلها.
* * *


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-27-2025, 12:01 PM   #9



الصورة الرمزية ملكة
ملكة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 44
 تاريخ التسجيل :  Aug 2025
 أخر زيارة : اليوم (01:11 PM)
 المشاركات : 10,829 [ + ]
 التقييم :  62
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ورغم أنَّ عينيْ "زاهاك" الوسيم قد اتسعتا لثانية.. إلا أنهما غضبتا في الثانية
التالية واستعاد قلبه جأشه وتحفزت عضلات ساعديه وهجم على العجوز البشع
هجمة ثائرة.. لم يتحرك العجوز من مكانه قيد أنمله ولم تطرف عيناه طرفة..
بل كان ينظر بسخرية إلى هجمة "زاهاك" التي مدَّ فيها يده ليمسك بتالبيب
العجوز ويرديه حيث يرديه.. لكن هجمة "زاهاك" تلك لم تنته إلا بعظيم اتساع
في عينيه.. وبنظرة إلى العجوز غير مصدقٍ لما يراه.
لقد مرَّ من العجوز كما يمر من الهواء.. فالتفت بحدة إلى العجوز ليجده واقفًا
في موضعه ناظرًا بعينيه الساخرتين إليه نظرة هزت كيانه.. أي إنسانٍ هذا..
العجيب أن ردة فعل "زاهاك" لم تكن مرتعبة بقدر ما كانت متحيرة.. ثم حسم
أمره فجأة وتوجه بسرعة إلى المشعل الذي يضيء الغرفة بالنار.. وحمله بيدٍ
واحدة ثم ألقاه بكل عزمه على العجوز الواقف.. ورأى بأُمّ عينه المشعل يمر من
بين جسد العجوز ويسقط على الأرض.. وهنا تحولت نظرة العجوز إلى نظرة
مخيفة وسًع فيها عينيه بغضب ثم نظر إلى المشعل نظرة واحدة أطفأت
المشعل مكانه.
بدأ عقل "زاهاك" البابلي القديم يفكر غير عالِمٍ ماذا يصنع بالضبط.. لكن العجوز
كان هو من تحرك هذه المرة.. في أقل من طرفة عين كان عند المشعل يحمله..
وفي الطرفة الثانية حدث ما جعل "زاهاك" يتراجع تلقائيًّا.. لقد أصبح العجوز
عجوزين ثم ثالثة ثم عشرة.. ثم تضاعف عدد العجزة حتى أصبح بعضهم يطير
في الهواء.. وكلهم يحملون المشاعل.. ثم ألقوها كلهم برمية رجل واحد على
"زاهاك" الذي تراجع فتعثرت قدمه فوقع على ظهره.. واشتعلت النار في
الغرفة حول "زاهاك" الذي لم يدرِ كيف يهرب.. كان العجوز ينفذ إلى عقل
"زاهاك" ويقرأ ما يفكر فيه.. والعجيب أن كل ما كان يملأ عقل "زاهاك" هو
ثورة الغضب والإصرار على هزيمة هذا الكيان الذي لا يدري له تعريفًا.. وكان

هذا يُعجب العجوز.. وفجأة تحول أكثر من خمسين عجوزًا إلى عجوز واحد يتقدم
إلى "زاهاك" وسط النيران ويقول له بصوت كفحيح الثعابين :
- لا تزعج نفسك بالتفكير بعقلك القاصر يا ابن "كوش".. فال قبل لك
بي.
- رفع "زاهاك" ذراعه أمام عينه محاولا تخفيف وهج النيران عليها
وقال:
- من.. من أنت يا هذا؟
قال له العجوز ببطء حاد :
- أنا "لوسيفر".. أمير النور يوم خُلق النور.
وفجأة انطفأت النيران وكأنها كانت وهمًا قاسيًا.. فأكمل "لوسيفر" :
- أنت المختار يا ابن "كوش".. أنت من اختاره نوري وبصيرتي.. بي وحدي
ستكون أعظم أهل الأرض.. وبي وحدي ستتعلم سر الـ "ماجي".. وبي
وحدي ستملك الأرض بإنسها وجنها وكنوزها.
همَّ "زاهاك أن يتحدث لكن "لوسيفر" أكمل حديثه :
- ليس سواك يصلح ليكون جبار الأرض.. ليس سواك يصلح أن يقود
هؤلاء النعاج.. ليس لسواك أن يعلم سر الـ "ماجي".. فلو أردت أن
يحصل كيانك الفاني على كل تلك القوة التي لم أرِك منها سوى
مثقال ذرة.. ائتني عند جبل دنباوند.. واسأل الصِبية هناك عن
"لوسيفر".. وسيأتون بك إليً.
ثم تلاشى العجوز من أمامه كأنه لم يكن.. تاركًا "زاهاك" في صدمة.. صدمة
ستغير حياته كلها فيما سيأتي من الأيام.
* * *

جبل دنباوند.. في ظلمة من الليل كالحة.. وشاب وسيم حائر يمشي على سفح
الجبل المظلم باحثًا عن الصِبية.. وأي صِبية سيكونون في مكانٍ كهذا.. إنه يكاد
ألا يرى يديه.. وال يسمع إال همس األرض.. ومن آنٍ آلخر تتهيأ له ظالل شبه
بشرية تدهن صخور الجبل.. بدأت نفس "زاهاك" الملولة تراوده.. فصاح بأعلى
صوته:
- أيها العجوز.. ها أنا ذا في دنباوند.. أين تراك تكون ؟
ولم يسمع ردًّا.. سوى صدى متكرر أضاف إلى تلك الأجواء الساكنة لمسة
مقلقة.. ثم بدا له أن هناك شيئًا ما يتحرك بحذرٍ.. ثم لم يلبث أن شعر بأنه ليس
شيئًا واحدًا.. بل أشياء.. تتحرك نحوه بحذرٍ صانعة بأقدامها صوتا ما على األرض..
ضيَّق "زاهاك" عينيه الوسيمتين ليزيد من حدة ناظريه.. ثم رآهم.. لم يرَ أجسادًا
بل عيونًا.. عيون تلمع كعيون الذئاب.. كانوا في كل مكان.. أمامه.. وعن يمينه
وشماله.. عيون لا تبدو أنها أليفة.. والعجيب أن "زاهاك" لم يشعر بالخوف ولا
بالقلق.. بل إنه صاح فيهم بصوت قوي صياح المعاتب :
- أين هو "لوسيفر"؟ أين من يطلق على نفسه أمير النور ؟
وهنا بدت له أجسادهم الصغيرة.. كانوا حوالي مئة يحتشدون حواليه.. ينظرون
ناحيته بنظرة جامدة تشعر فيها بخاطر من الدهشة.. كانوا يبدون وكأنهم حشدٌ
من الأطفال الحانقين على شيءٍ ما.. ملبسهم أسود وشعورهم سوداء طويلة..
التفتوا جميعًا بلا كلمة ومشوا كلهم باتجاه الشمال.. وتبعهم "زاهاك"
متوجسًا.. حتى أوصلوه إلى ما يشبه الغار في سفح الجبل.. ثم تفرقوا إلى كتلتين
صانعين بينهم طريقًا.. نظر لهم "زاهاك" ثم مشى وسطهم إلى الغار حتى
دخله.. وكما وعده "لوسيفر".. كان بانتظاره.
لم يكن عجوزًا.. ولم يكن أعرجَ.. بل كان "لوسيفر".. ليس له وصف آخر سوى
أنه "لوسيفر".. على كرسي كبير كان يجلس.. يلفه الظلام.. رغم وجود مشعل


أو مشعلين يبعثان نورًا خافتًا للغاية.. وهنا دبَّ شيء من الرعب في قلب
"زاهاك".. فالكيان الجالس أمامه لم يكن إنسيذًا.. وإن كانت له الهيئة التشريحية
للإنس.. لم يتبين وجهه جيدًا ألن الظالم كان يخفيه.. ليست هذه يد بشر.. وليست
هذه أصابع بشر.. ولا أظافر بشر.. وما هذه األكتاف بأكتاف بشر.. ما هذا الشيء
بالضبط؟ هل هو الرب على عرشه؟ لم يستطع بعقليته البابلية القديمة أن يستنتج
أنه يقف على بُعد خطوة أو خطوتين من الشيطان.. "لوسيفر".. لم يكن يدرك أنه
يقف أمام "إبليس".
* * *
بدأت الأمور تتضح ببطء؛ الوجه الذي كان يلفه الظلام اقترب من مجال الرؤية
وبدأت تسقط عليه ظلال المشاعل المتراقصة.. تحفزت خاليا "زاهاك".. ثم تحول
هذا التحفز إلى الدهشة.. فذلك الكيان الذي يفترض أنه "لوسيفر" كان يملك
شعرًاطويلًا جدًّا يمس الأرض.. وهذا الشعر ينسدل على وجهه غزيرًا يخفي
ملامحه تمامًا؛ حتى لا تدري هل أنت أمامه أم خلفه.. قال "لوسيفر" بصوت هادر
كالصخر:
- لقد اخترتك يا "زاهاك" من بين رجال الأرض كلها.. فبرغم أنك
تستمرىء حياة الدعة إلاأن لديك قلبًا ميتًا لا يخاف.. قلب شجاع.. وروح
متمردة.
أجفل "زاهاك" قليلًا وشعر بعرق يُندي جبينه من هول الكيان الجالس أمامه ثم
قال بصوتٍ خافت :
- اخترتني من أجل ماذا؟
أجابه "لوسيفر" بغضبٍ لا يدري "زاهاك" له سببًا إلا أن يكون صوته الهادر يوحي
بالغضب:

- لتملك بني الإنسان.. لتكون أول بشريّ يتعلّم سر الـ "ماجي".. ولكن..
توقف "لوسيفر" للحظات ثم قال:
- يجب أن نضع قلبك الميت هذا طور االختبار.. فسر الـ "ماجي" العظيم
لو ناله الرجل الخطأ.. فإنه يموت من فوره.
أشعلت كلمة االختبار في نفس "زاهاك" شيئًا ما فقال:
- ماهو هذا الـ "ماجي" الذي لا تكف عن ترديده.. وماهو هذا الاختبـ..
قاطعه "لوسيفر" فجأة :
- أن تراني ..
لم يفهم "زاهاك" شيئًا؛ فهمَّ بالحديث إلا أن "لوسيفر" قال بصوته الهادر في
لهجة مخيفة:
- أن تراني ولا ترتعد فرائصك.. فإن كشفت لك عن وجهي وطرفت
عينك طرفة خوف واحدة سأقتلك على الفور.. وإن رأيتني ولم تجفل.
. فإن سر الـ "ماجي" من حقك وحدك.. وسيُطوى لك العالم وتخضع
لك نفوس البشر كلهم.
سكت "زاهاك" سكوتًا طويلًا ثم قال :
- فلتكشف عن وجهك إذن يا هذا.
وبسرعة مفاجئة انحسر الشعر عن وجه "لوسيفر" الذي اعتدل في مجلسه مقرِّبًا
وجهه الشيطاني من "زاهاك".. كان "زاهاك" في تلك اللحظة يشاهد أشد وجوه
الأرض بشاعة وإرعابًا.. وجه "إبليس".. زاد العرق على جبينه.. وشعر بأن ذرات
الهواء تهتز من حوله من شدة بشاعة ذلك الوجه.. خفق قلب "زاهاك" خفقة
سقط فيها إلى أسفل سافلين.. لكنه حافظ على ثبات عينيه.. وأخذ يفكر في
أشد الامور جمالًا وبهجة ليشغل ذهنه عن بشاعة ذلك الكيان.. ولكنه مع مرور
الثواني ازداد الخوف في قلبه من هول ما يرى.. لكنه استعاد رباطة جأشه
بشجاعة عجيبة وقال بصوت حاول أن يخرجه ثابتًا غير متهدّج:

- أي شيء لعين أنت بالضبط؟
تحدث "لوسيفر" فتضاعفت بشاعة وجهه فقال :
- أنا شيطان مريد.
كان ذلك اللقاء هو أول لقاء بين إنس وجن في تاريخ الارض.. وقد حدث في بابل
في أول حضارة بشرية بعد طوفان "نوح".. أصبح "زاهاك" يتردد على ذلك الغار
في كل ليلة.. وعلمه "لوسيفر" سر الـ "ماجي".. والـ "ماجي" بلغة أهل بابل تعني
السحر.. فكان "زاهاك" هو أول ساحر مشى على ظهر الأرض.. أما التاريخ
فلقّبه بلقب اشتهر جدًّا حتى ظنه الناس اسمه الحقيقي. اشتهر "زاهاك" في
التاريخ باسم "النمرود"؛ "الملك النمرود".
وبعد مرور بضعة أيام على حادثة اللقاء الشيطاني تلك.. نصب "زاهاك" فخًّا لأبوه
"كوش".. حفرة متوسطة العمق مثبت في قاعها أكثر من خمسين رُمحًا
متجاورًا.. حفرة مغطاة بأوراق الشجر.. كان هذا هو أول فخ يُنصب في التاريخ..
كان الفخ الذي قتل الملك "كوش" وحول جسده إلى مصفاة بشرية.. الفخ الذي
أوصل إلى العرش من بعده ملكًا كان هو األكثر دموية وجنونًا ليس فقط بين
ملوك بابل.. بل بين ملوك العالم كله.. ابنه "زاهاك".. "الملك النمرود".
أن تكون مًلكًا جبَّارًا فهذا مفهوم.. أما أن تكون مَلكًا جبَّارًا متسلطًا وساحرًا
عتيًّا فاجرًا.. فقد صنعت شرًّا مستطيرًا لا قِبَل لأهل الأرض به.. كان "النمرود"
هو كل ذلك.. كان أول وضع تاجًا على رأسه.. وفكرة التاج نفسها اقتبسها من
ملوك الجن.. وقد صنع لنفسه تاجًا ذهبيًّا عظيمًا.. وخاتمًا ذهبيا كبيرًا.
يذكر التاريخ للنمرود أنه قال لما وضع التاج على رأسه :
- نحن ملوك الدنيا.. المالكون لما فيها.
ولم يدرِ أحدٌ معنى كلمة "نحن" حتى هذه اللحظة. .
* * *


 
 توقيع : ملكة



رد مع اقتباس
قديم 08-28-2025, 02:28 AM   #10



الصورة الرمزية منار
منار غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 42
 تاريخ التسجيل :  Jul 2025
 أخر زيارة : 09-03-2025 (06:26 AM)
 المشاركات : 9,799 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Palestine
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Purple
مزاجي:
افتراضي



ما عندي الجرئة إني أتابعها
ما بحب روايات الرعب
الله يعطيك العافية للمجهود


 
 توقيع : منار



ممنونتك أروى يسلمو


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يستخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
اختصار الروابط