#1
|
|||||||||
|
|||||||||
![]()
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النوم يشبه الملح في الطعام، فلا غنى عنه، لكن الإكثار منه يجعل طعم الحياة غير مستساغ. فكما أن النوم ضروري لراحة الجسد، فإن زيادته تحمل أضرارًا كثيرة، وأحد أخطرها قسوة القلب. فقد أحصى الإمام أبو حامد الغزالي عواقب كثرة النوم فقال: "وفي كثرة النوم: ضياع العمر، وفوت التهجد، وبلادة الطبع، وقساوة القلب، والعمر أنفس الجواهر، وهو رأس مال العبد فيه يتجر، والنوم موت، فتكثيره يُنقص العمر، ثم فضيلة التهجد لا تخفى، وفي النوم فواتها." لكن كيف يصحو صاحب القلب القاسي، إذا كان يتقلب طوال يومه بين طبقات النوم المتواصل، من نوم اليقظة إلى نوم المنام؟! إن قسوة القلب تجعله غير مبالٍ بقيمة الوقت، غارقًا في الغفلة، لا يجد سببًا ليبقى مستيقظًا، فيغط في سبات عميق. وكيف يكثر النوم في هذه الدنيا من ينتظر أطول رقدة له في القبر؟! وكيف يسرِف فيه من يعلم أن النوم أخو الموت؟! يا من قساوة قلبه أشد من الحجر، تذكّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما رأيتُ مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها.» فمن كان يسعى للنجاة من النار والفوز بالجنة، فليس النوم المفرط والاستغراق في الغفلة طريقه، بل عليه أن يكون يقظًا، يسعى في الطاعات، ويهرب من المعاصي. ففي هذا الحديث تعجّبٌ واستنكارٌ لمن غرق في النوم ونسي ما ينتظره، وكأن الجنة والنار ليستا أمامه. والله أعلم. |